وصف المدون

إعلان الرئيسية

أحدث المقالات

 

أهمية بناء التوازن في تربية الأطفال بين تأكيد الذات وضبط السلوكيات حسب ياسر الحزيمي


تعتبر تربية الأطفال فنًا معقدًا يتطلب تحقيق توازن دقيق بين تشجيعهم على تأكيد ذواتهم، وتعليمهم مهارات الانضباط والاحترام للآخرين. ويمثل هذا التوازن مفتاحاً للنمو الصحي والمتوازن للأطفال، حيث تنشأ مشكلات تربوية إذا تم تجاهل أحد الجانبين. في هذا المقال، سنناقش كيف يمكن للوالدين تلبية احتياجات أطفالهم وتوجيههم دون تقييد مفرط، مستعينين بأمثلة من سيرته ﷺ وأهمية الحاجات النفسية للطفل.

جذور مشكلة تأكيد الذات عند الأطفال

تبدأ مشكلة تأكيد الذات منذ الطفولة المبكرة؛ حيث يظهر الطفل القدرة على التعبير عن نفسه من خلال البكاء والصراخ، ويتصرف وفق شعور قوي بالاستحقاق، باعتقاده أن كل ما حوله ملكٌ له. يزداد هذا الشعور مع نمو الطفل، حيث يعتبر كل شيء حوله مِلكه، ويرغب في الحصول على كل ما يراه في السوق أو يملكه الآخرون. هنا، تبدأ محاولات الوالدين لكبح هذه الرغبات، فيبدأ الطفل في التنازل تدريجياً، حتى يصل إلى مرحلة التردد والاعتماد على والديه لتحديد ما له وما ليس له.


تلبية الاحتياجات النفسية للطفل


 يتضح من سيرة النبي ﷺ أهمية مراعاة احتياجات الطفل النفسية. فعندما صعد حفيده على ظهره وهو يصلي، أطال الصلاة ليراعي حاجة الطفل النفسية. وفي موقف آخر، قصر النبي ﷺ الصلاة استجابة لبكاء طفل ليخفف على أمه. هذان الموقفان يبرزان حساسية الرسول ﷺ في مراعاة مشاعر الأطفال وحاجاتهم النفسية، دون تجاهل قواعد السلوك والانضباط. وفي موقف آخر، منع حفيده من تناول التمرة بعبارة كـ"كخ كخ"، مما يوضح أن التربية ليست مجرد تلبيه للرغبات، بل تهذيب وتوجيه بأسلوب يناسب عمر الطفل ومستواه الإدراكي.


تحقيق التوازن بين تلبية الحاجات وتصحيح السلوكيات

التحديات المرتبطة بكثرة النهي والتوجيه

 عندما يعتمد الوالدان على "اللاءات" المتكررة لتحجيم سلوك الطفل دون تفهيمه، ينتج أحد أمرين: إما طفل ضعيف الشخصية، ينقاد بسهولة دون أن يعبّر عن نفسه، أو طفل عنيد يتمرد على جميع الأوامر ويتعامل معها بعدوانية. في بعض الحالات، قد يظهر نوع ثالث من الأطفال المراوغين الذين يطيعون في الظاهر، لكنهم يعاندون في الخفاء، مما يؤدي إلى مشاكل سلوكية خطيرة في المستقبل.

 يتطلب تربية الأطفال مزيجًا من توفير الرعاية وتلبية حاجاتهم، إلى جانب التأديب البناء الذي يحافظ على حقوقهم وحدودهم. يطرح الكاتب فكرة "مصفوفة الهدم والبناء"، حيث يقوم الوالدان بتلبية احتياجات الطفل الأساسية وتقديم الدعم النفسي له، مع تصحيح سلوكياته الخاطئة بأسلوب بناء يهدف إلى تعليم الطفل التصرف بطريقة إيجابية، دون أن يشعر بالإحباط أو الحرمان المفرط.

 إن تحقيق التوازن بين تأكيد الذات والانضباط هو مفتاح تربية طفل ناضج ومتزن. يحتاج الوالدان إلى أن يكونا مرنين، بحيث يستطيعان تلبية احتياجات الطفل النفسية وفي الوقت ذاته توجيهه بأدب وحكمة، مستعينين بأمثلة وقصص من سيرته ﷺ. تربية الأطفال فن يجب أن يركز على "الحقوق والحدود"، وليس على "التلبية المطلقة" أو "المنع التام".

يمكنكم مشاهدة هذا الجزء من البودكاست من هنا

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان أخر الموضوع

Back to top button

مرر لأسفل